ما قل ودل

تصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا…قراءة في تحذيرات عبد الله زكري

شارك المقال

تشهد فرنسا في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في مظاهر العنصرية والإسلاموفوبيا، في ظل أزمات سياسية واجتماعية متراكمة وتنامي الخطابات اليمينية المتطرفة. وفي هذا السياق، أعاد عبد الله زكري، رئيس مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، تسليط الضوء على خطورة هذه الظاهرة، معتبرًا أنها لم تعد أحداثًا معزولة، بل جزء من موجة أعمق من الكراهية الممنهجة تجاه الجالية المسلمة، ثاني أكبر طائفة دينية في البلاد.

في تصريحاته لموقع Algeriepatriotique، وصف زكري الجريمة الأخيرة التي راح ضحيتها مواطن تونسي بأنها “فعل جبان” نابع من عقلية متطرفة، غذتها خطابات الكراهية المنتشرة في المشهد السياسي والإعلامي الفرنسي. وأشار إلى أن هذا المناخ المشحون لا ينبئ بخير، ويهّدد السلم الاجتماعي والتماسك الوطني.

من اللافت أن زكري وجّه انتقادًا حادًا لصمت بعض وسائل الإعلام والمسؤولين السياسيين إزاء مثل هذه الحوادث، معتبراً أن هذا التجاهل يثير الشكوك حول الالتزام الحقيقي بحماية الأقليات الدينية وحقوق الإنسان في فرنسا. وتأتي تصريحاته في ظل توتر متزايد بين السلطات الفرنسية ومكونات المجتمع المسلم، خصوصًا بعد تسريب تقرير رسمي حول جماعة الإخوان المسلمين، والذي اعتبره زكري جزءًا من حملة دعائية تستهدف صرف الأنظار عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

وبحسب زكري، فإن الربط المتكرر بين الإسلام وقضايا الأمن أو التطرف، سواء من خلال الإشارة إلى “تهديدات” خارجية مثل روسيا أو “داخلية” مثل الجماعات الإسلامية أو حتى الدول المغاربية، يُنتج حالة من الهلع الشعبي ويمنح شرعية ضمنية للاعتداءات المتزايدة على المسلمين، خاصة تلك التي تستهدف المساجد و دور العبادة.

وفي تحذير واضح، أكد زكري أن الخطابات السياسية السائدة، والتي توظف الدين كأداة للصراع السياسي، تُسهم في خلق بيئة خصبة للعنف، مطالبًا بتدخل عاجل من السلطات الفرنسية لوضع حد لهذه الانزلاقات ومنع “الكوارث المحتملة”. كما دعا مسلمي فرنسا إلى التماسك وتفادي الانجرار وراء الاستفزازات، مع التأكيد على أهمية الإبلاغ عن أي تهديد أو تصرف مشبوه واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان سلامتهم الشخصية.

و لا يمكن فصل تصريحات زكري عن نضاله الحقوقي الطويل، حيث يُعد من أبرز الأصوات المدافعة عن الجالية المسلمة في فرنسا، ليس فقط من موقعه كرئيس لمرصد مكافحة الإسلاموفوبيا، بل أيضًا كإمام وفاعل ديني واجتماعي في مدينة نيم، حيث يعمل على تعزيز التفاهم بين الأديان والثقافات في بلد يشهد تحولًا ملحوظًا في علاقته بالهوية والدين.

و إن تصريحات زكري تفتح الباب أمام تساؤلات ملّحة حول مستقبل التعايش في فرنسا، ومدى قدرة المؤسسات الجمهورية على التصدي لخطابات الكراهية والعنصرية. ويبقى السؤال الجوهري مطروحا هل ستُمنح أصوات الاعتدال والعيش المشترك المساحة الكافية قبل أن تتفاقم الأوضاع وتدخل البلاد في دوامة من الانقسام الاجتماعي العميق؟

المصدر: Algeriepatriotique

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram