ما قل ودل

حقوق الطفل في التغطيات الإعلامية للامتحانات المدرسية…سلطة ضبط السمعي البصري تصدر بيان تحذيري

شارك المقال

مع اقتراب موعد امتحانات شهادة البكالوريا في الجزائر، أصدرت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري بيانًا تحذيريًا، موجّهًا إلى المؤسسات الإعلامية السمعية البصرية، يدعوها إلى ضرورة احترام حقوق الأطفال أثناء تغطيات الامتحانات المدرسية، مع التشديد على المخاطر القانونية والأخلاقية الناجمة عن الاستغلال الإعلامي للقصر. يفتح هذا التحذير المجال للنقاش حول التحديات التي تواجه الإعلام الجزائري في تحقيق التوازن بين متطلبات التغطية الإخبارية ومقتضيات حماية حقوق الطفل.

ترتكز السلطة الوطنية لضبط السمعي البصري في تحذيرها الأخير على أسس قانونية واضحة، من أبرزها المرسوم التنفيذي رقم 24-250 لسنة 2024، الذي يحّدد دفتر الشروط العامة لخدمات الاتصال السمعي البصري، بالإضافة إلى القانون رقم 12-15 المتعلق بحماية الطفل. هذان النصّان يفرضان على وسائل الإعلام الالتزام بمبادئ “المصلحة الفضلى للطفل” ومنع أي ظهور إعلامي للقاصر دون موافقة كتابية وصريحة من الولي الشرعي، خاصةً في المواضيع ذات الطابع الحساس.

و أشارت السلطة في بيانها إلى ممارسات إعلامية وُصفت بـ”غير المسؤولة”، تمثلت في إجراء مقابلات مباشرة مع تلاميذ قُصّر فور خروجهم من مراكز الامتحان. ورغم أن هذه التغطيات تهدف في ظاهرها إلى تقديم انطباعات آنية عن الامتحانات، فإنها قد تؤدي إلى تعريض الأطفال للتشهير، أو تُستغل إعلاميًا بطرق تسيء لصورتهم وكرامتهم. وتُبرز السلطة الآثار النفسية المحتملة لمثل هذه التغطيات، والتي قد تصل حدّ التنمر الرقمي، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلامة النفسية للأطفال.

و من خلال ذات البيان شددت السلطة على أن حماية الطفل ليست مجرد مطلب قانوني، بل التزام أخلاقي ومجتمعي يتطلب من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التحلي بالوعي المهني والاحترافية في تعاملهم مع القُصّر. في هذا السياق، تبرز أهمية التكوين الإعلامي الأخلاقي، والاحتكام إلى المواثيق المهنية، كميثاق الشرف الصحفي ومدونات السلوك الخاصة بالإعلاميين، لتفادي السقوط في فخ الإثارة الإعلامية أو الاستغلال العاطفي للأطفال.

للإشارة أن التغطيات الإعلامية للامتحانات المدرسية تشكل إشكالية قانونية وأخلاقية معقّدة، تتعلق بالتوفيق بين حق الجمهور في الحصول على المعلومة، وحق الطفل في الخصوصية والكرامة. وبينما يرى البعض أن التفاعل الإعلامي مع التلاميذ يعكس نبض الشارع ويمنح الأطفال مساحة للتعبير، فإن غياب الضوابط القانونية في التنفيذ قد يحوّل هذه المبادرات إلى انتهاكات غير مبررة.

و يمثل بيان سلطة ضبط السمعي البصري خطوة هامة نحو ترسيخ ثقافة إعلامية قائمة على احترام حقوق الطفل في الجزائر. غير أن فاعلية هذا التوجه تقتضي تعزيز آليات الرقابة والمتابعة، إلى جانب تنظيم دورات تكوينية للإعلاميين حول أخلاقيات التعامل مع الفئات الهشة، وعلى رأسها الأطفال. كما يُستحسن تشجيع المؤسسات الإعلامية على تبني تغطيات بديلة ومسؤولة، تركز على جوانب الدعم النفسي والتحفيز التربوي، بدل الانزلاق نحو الإثارة الإعلامية.

المصدر: وأج -بتصرف-

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram