يتضح جليا منذ الحرب التي أرادها الكيان نحو إيران بأن معظم الدول العربية لا تملك قرارها السياسي كاملاً، فأغلبها خاضعة لتدخلات خارجية (إقليمية أو غربية) حيث أضحت بين سندان العقوبات ومطرقة الاحتلال، فهناك من تعاني من وجود قواعد أجنبية أو تدخل مباشر في قراراتها السيادية.
إيران المصنفة لدى دول الخليج والشرق الأوسط العدو ” نمبر وان” طوّرت منظومة صواريخ محلية الصنع وطائرات مسيرة تعتمد على دعم خارجي وتسليح مستورد بدون سيطرة صناعية، وتمتلك ما يسمى بالعقيدة الهجومية الدفاعية، مبنية على مبدأ الردع والانتقام السريع.
بمعنى القدرة على الرّد لدى معظم الدول العربية -باستثناء الجزائر التي تخلق الاستثناء-, فرغم تنوع اقتصاداتها باتت مرهونة لعدة حسابات،تظرا لاعتمادها على المعونات أو صادرات محدودة، نظرا لغياب شبه كلي للصناعة المحلية، أو اقتصارها على استهلاك داخلي بسيط.
إيران موجودة بقوة (في العراق، سوريا، لبنان، اليمن، غزة), ورغم علاقاتها المتوترة مع الغرب، إلا أن ديبلوماسيتها حافظت على قوتها مع روسيا و الصين.. متحدية منذ زمن طويل العقوبات الدولية و الحصار الاقتصادي وعلاقاتها المحدودة مع الدول العربية التي باتت تحمل نوايا و مجرد شعارات مشتتة و تزكي المقاومة و تتصف بالعداء للكيان والغرب, الأمر الذي جعلها تفتقد لرسالة جامعة أو مشروع وطني واضح.
اما إيران فتوجهها قائم على الثورة الإسلامية ومواجهة “الاستكبار العالمي” رغم الطائفية، العرقية، والانقسامات القبلية. فخلاصة المقارنة فأنه رغم العزلة والعقوبات، استطاعت ايران أن تبني مشروعا مستقلا ومتماسكا سياسياً وعسكرياً، بينما تعاني العديد من الدول العربية من تفكك داخلي، تبعية خارجية ، وغياب الرؤية السيادية ، ما جعلها “عاجزة” في التوازنات الإقليمية والدولية, و بالتالي فالفرق شاسع بين من يسعى للحصول على النووي و ما بين من لا يزال ينوي…و عقب هذه العلاقة غير تناظرية يبقى الخبراء حائرون في نظرية النووي و الناوي…و لله في خلقه شؤون.