ما قل ودل

صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتداعياته على الجزائر…معهد الكراسك بوهران يحاضر حول الظاهرة

شارك المقال

شهدت أوروبا في العقود الأخيرة صعودًا لافتًا وغير مسبوق لليمين المتطرف، تجلّى في اختراقه للمؤسسات الديمقراطية وتنامي تأثيره في المشهد السياسي والاجتماعي. وقد أثار هذا التحول اهتمامًا كبيرًا على المستويين الأكاديمي والسياسي، خاصة في ظل تداعياته المحتملة على دول الجنوب، وعلى رأسها الجزائر، بحكم العلاقات التاريخية والاقتصادية مع الدول الأوروبية، خصوصًا فرنسا.

و لأاجل مناقشة هذه الظاهرة من الناحية الأكاديمية و بصفى تحليلية احتضن مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية بوهران ندوة فكرية شارك من خلالها زبدة من الخبراء الجزائريين الذين أدلوا بدلوهم حول الظاهرة المقيتة التي ما فتئت تتحكم في أوصال الحكومات و المجتمعات الأوروبية و التي تعود دوما بالسلب سواءا من ناحية علاقات هذه الدول بدول الضّفة المقابلة أو بالنسبة لتاملات باقي أفراد مجتمعها مع أفراد الجاليات المغاربية المقيمة هنالك.

 الخلفيات الفلسفية والتاريخية لليمين المتطرف

و يرى الباحث عبد القادر بوعرفة من الناحية الفلسفية أن اليمين المتطرف ليس ظاهرة سطحية أو عابرة، بل يستند إلى جذور فلسفية عميقة تعود إلى الفكر المحافظ الكلاسيكي والقومية الرومانسية، التي تمجد “نقاء الهوية” و”التفوق العرقي”. كما يشير الباحث أحمد رنيمة إلى أن هذه التيارات تعزز فكرة الدولة القومية المتجانسة وتتبنى أيديولوجيات إقصائية تتسم بالعداء للمهاجرين والأقليات.

العوامل السوسيولوجية لصعود اليمين المتطرف

يوضح البروفيسور عمار مانع أن صعود اليمين المتطرف مرتبط بتحولات اجتماعية وثقافية واقتصادية، أبرزها الشعور بالتهديد تجاه الهوية والانتماء. فاستغلال هذه المخاوف داخل المجتمعات الأوروبية سهّل انتقال هذه التيارات من الهامش إلى المركز، وشكّل تحديًا لبنية النظام الديمقراطي الأوروبي.

 الأثر الاقتصادي على الجزائر

تُعد الجزائر من الدول الأكثر تأثرًا بصعود اليمين الفرنسي، خصوصًا مع تزايد نزعة الحماية الاقتصادية. يحلل الأستاذ الهواري بلحسن الذي يرى بأن هذا الصعود لديه حتما انعكاسات على المصالح الاقتصادية الجزائرية، من خلال ثلاثة محاور: التبادل التجاري، الاستثمارات، وتحويلات الجالية، مؤكدًا أن التوجهات القومية لليمين الفرنسي قد تُفضي إلى تقييد هذه الروابط.

 خطاب الكراهية والآليات الدولية

يركّز الأستاذ بوزيد لزهاري على البُعد القانوني لخطاب الكراهية، موضحًا كيف تعاملت الآليات التعاهدية الأممية مع شكاوى الأفراد المتضررين من هذا الخطاب. وتُظهر قرارات لجان حقوق الإنسان أن خطاب الكراهية، خاصة عندما يصدر عن شخصيات سياسية يمينية، يشكّل تهديدًا مباشرًا لحقوق الإنسان والديمقراطية في العالم على وجه العموم.

 الإعلام والسياسة…هندسة الرأي العام

تُبرز الأستاذة فاطمة كبور و الأستاذ عطية إدريس البنية الإعلامية والسياسية لخطاب اليمين المتطرف، مشيرين إلى أنه لا يكتفي بالتحريض ضد الأقليات، بل يهدف إلى “هندسة التهديد” وإعادة تشكيل الوعي الجماعي وفق سرديات تستند إلى الخوف من الآخر ورفض التعددية.

 التحالفات الدولية…التقارب اليميني الإسرائيلي

و أشار معظم الخبراء خلال جلسة النقاش التي تلت المداخلات إلى التقارب المتزايد بين اليمين المتطرف الأوروبي وإسرائيل، القائم على العداء المشترك للمسلمين والعرب، ضمن ما يُعرف بـ”صراع الحضارات”. وقد ساهم هذا التحالف في تصاعد خطاب الكراهية وزيادة النزاعات، مما يُهدد الأمن الإقليمي والدولي.

و استخلص من خلال ذات الندوة الفكرية التي ستتبع بالعديد من الندوات مستقبلا مثلما اشار البروفيسور أحمد مانع مدير الكراسك أن صعود اليمين المتطرف في أوروبا ليس ظاهرة محلية، بل له امتدادات عالمية تشمل التأثير في العلاقات الدولية، الاقتصاد، وحقوق الإنسان. وتبقى الجزائر معنية بشكل مباشر بتداعيات هذا الصعود، مما يفرض على الفاعلين السياسيين والباحثين دراسة الظاهرة من زوايا متعددة، ووضع استراتيجيات وقائية تقوم على تعزيز الحوار، الانفتاح، والوعي السياسي والاجتماعي.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram