ما قل ودل

نافس كبار المهرجانات الكوميدية العالمية…KIRA COMEDY باكورة محمد ميهوبي المسرحية

شارك المقال

الفن الرابع الجزائري و خصوصا طابعه الكوميدي لا يزالان بألف خير و لا تزال روح الدعابة هي سمة الجزائري أينما توجهت ركائبه, ذلك هو الانطباع الذي خرجت به مختلف أطياف الجماهير التي تابعت يوم أمس العرض المسرحي الضخم الذي احتضنه مدرج مركز المؤتمرات “أحمد بن أحمد” الذي امتلأ عن آخره, حيث تميز الحضور بقمة في اللباقة, و تقاسمت مختلف العوائل التي حضرت بقوة لحظات خفة الدم التي جاد بها مختلف الكوميديون الذين تعاقبوا على خشبة المسرح, بيّنوا من خلالها أن الجزائر بلد الفنين الرابع و السابع مثلما هو الشأن لباقي الميادين, و أبانت وهران يوم أمس بحق أنها مدينة الحضر و اللويزة في الصدر مثلما صدح البرّاح ذات يوم من ذات زمن.

ممّر شرفي على شرف الأيقونة ميهوبي

و ما لا يمكن التغاضي عنه خلال عرض KIRA COMEDY هو الحلقة المركزية التي انبنى بها العرض بحد ذاته, الذي كان ممرا شرفيا لأيقونة المسرح الكوميدي “محمد ميهوبي” الذي بشهادة جميع من مّر على خشبة المسرح يوم أمس أقّر بأن ما وصل إليه من تفوق ركحي لم يكن ليكون لولا توجيهات المايسترو محمد ميهوبي, الذي رغم عدم تقديمه مونودرام أو مونولوج يوم أمس على طريقة الستانداب كعادته, إلا أن هندسته لهؤلاء المواهب بدت جليا من خلال الرسالة النبيلة التي وصلت إلى قلوب الجماهير و التي ترجمت إلى ضحكات كانت في بعض الأحيان هيستيرية.

فحقا ما قام به الكوميديون من عيار محمد خساني و زميله محمد يبدري و البقية المتبقية من ممّر شرفي على شرف الأستاذ ميهوبي كان بحق جميل رّد الاعتبار لفنان لم تنطفئ خّفة ظله رغم انسحابه من المشهد و مراقبته من بعيد عبر توجيهاته و دروسه التي لا يزال يستفيد منها الفنانون الجدد.

فمحمد ميهوبي أشرقت موهبته في زمن أراد الظلاميون أن يطّلق الجزائري ضحكته عنوة في زمن العشرية السوداء, لكن ميهوبي و من زاملوه في تلك الحقبة كسبوا الرهان من خلال بقائهم على قيد الحياة فوق خشبة المسرح, من خلال عروض تكتب بماء الذهب من عيار “الجّنة و النار” و مختلف المسرحيات التي عّبر من خلالها المسرحي المخضرم على آهات المواطن من خلال إيحاءات ركحية.

 

الجمهور يرفع القبعة لطارق كيرة

إذا كان لكل فيلم بطل فإن بطل عرض KIRA COMEDY هو الفنان طارق كيرة صاحب فكرة هذا الحدث الثقافي فلولاه و لولا تفانيه مثلما يشهد له كل من ثابر و جاهد لإنجاح العرض لما تم توقيع شهادة ميلاد KIRA COMEDY حيث بفضل حله و ترحاله رفقة الفنان ميهوبي خرج للعلن و للساحة الركحية هذا العرض الذي أضحى ماركة مسجلة خصوصا و أنه جرى بقاعة ممتلئة عن آخرها…فشكرا للفنان طارق كيرة على إهدائه رفقة أستاذه محمد ميهوبي وهران هذا النوع من العروض.

 

ثّلة من الشباب كسبت الرهان

بادئ الأمر لم يكن حدث الأمس ليكون لولا تضحيات أصحاب الفكرة الجهنمية على غرار منّشط الحفل الفنان “طارق كيرة” الذي بفضل اجتهاده رفقة أستاذه ميهوبي و بقية زملائهم تمخضت فكرة اللعب أمام قاعة ممتلئة عن آخرها, و في مركز المؤتمرات الذي ليس بالسهل ملؤه, لكن و عوض أن تكون وراء تلك الفكرة خطوة للتجسيد بدأت المرحلة الأولى بقفزة نوعية, فكل العقبات تدّللت و كل المتاريس تحّطمت, حيث أبت البسمة إلا أن تتّجسد بقالب واقعي في الزمان و المكان النوعيين الذان حددا لهما, و تلك هي الروح التي يحتاجها كل جزائري من أجل الوقوف مجددا و الخروج من عالم السلبية إلى الإيجابية التي كانت بحق عنوان عرض يوم أمس.

 

الجماهير التقت بكوميديين طالما أحبوهم في العالم الافتراضي

الممتع في عرض الأمس هو التقاء الجماهير بنجومهم الذين طالما تابعوهم عبر الفضاء الافتراضي من خلال منصات الإنسترغرام و التيك توك و اليوتيوب, لكن هذه المرة كان اللقاء بشكل رسمي وواقعي الذي تميز بوقع الاحترام و الوقار بين الفنان و جمهوره, فكان حديث الطرفين عبر ابتسامات كوميدية لم يستطع البعض حتى السيطرة على حالته فكانت الضحكات الهيستيرية هي السمة الرئيسية للعرض الفكاهي في معظم فتراته.

 

أول الغيث كان الفنان حمي

أمتع أول من ولج خشبة المسرح الفنان حمي كل من شاهد عرضه الذي لم يحد عن عالم اللباقة, و عرف بطريقة مريحة كيف يوصل رسالته إلى الجمهور عن طريق استخدام السخرية من طريقة حياته هو التي عرف كيف يوصل مطّبات حياته بقالب هزلي, فالفنان حمي تحدث عن علاقاته بعائلته و كذا برنامج الحمية الذي يتخذه, و حتى علاقته العاطفية بطريقة صائبة عرفت تجاوب الجمهور عن طريق الضحك حتى الصراخ, و هو ما يعتبر علامة ناجحة لذات الفنان الذي عن طريق إيحاءاته الركحية عرف كيف يشّد انتباه الجماهير و كيف يجذبهم لمتابعته مستقبلا.

 

نجيب و تطبيق التوصيل

ثاني المتدخلين كان الفنان نجيب الذي عرف هو الآخر كيف يتغلغل في الوجدان الفكاهي للجماهير من خلال قصة رواها عن تطبيق توصيل الأشخاص الساري المفعول هذه الأيام , حيث روى قصة توصيله لطبّاخات الأعراس الذين لكثرة توصيلهم أصبح ضليعا في تحضير الأطباق و اختار بعدها مهنة الطبخ عنوانا لمشواره المهني لما تبقى من حياته.

 

جواد ترابي و قصة زرع شعره و جدته المشاكسة

فترة مرور جواد ترابي كانت هي الأخرى من بين العروض المميزة, حيث عرف عبر سرد قصة علاقته مع جدته التي رواها بطريقة كوميدية كيف يصل إلى قلوب الجماهير التي طالما صفقت و هنأت الفنان على رحابة صدره و انتقائه للمواقف الطريفة حول تصرفات الجّدة المشاكسة التي تريد الخير لأحفادها, لكن بعد خروج روح أحدهم على حد تعبيره.

 

وليد صديقي و دور الغني الفاحش الثراء

عرف الفنان وليد صديقي كيف يجسد دور الغني الفاحش الثراء, و كيفية تعامله بعّلية على من هم تحته من باقي أطياف الطبقات, حيث استطاع أن يجّسد الدور على أن باقي أفراد الجمهور هم من الطبقة الدونية, حتى بات يخاطبهم على طريقة الفلاح القّن على طريقة قصص تولستوي, و كل ذلك عبر إيحاءات على الطريقة التلمسانية, و هو ما أكسب العرض رونقا جعل الحضور يبكي من استخدام الفنان للكلمات من عيار “آسم” بطريقة مضحكة للغاية.

 

خليفة و آدم كلاهما أبدع و عرف كيف يقنع

ما أثار الإعجاب فيما قدمه الفنانان خليفة و أدم قصوري هو كيفية التغلغل إلى دغدغة مشاعر الجمهور و تحويلها طيلة فترات العرض إلى ضحكات هيستيرية, فالأول و حتى انتهائه من العرض و رغم كلامه المنّمق على طريقة ولد فاميلية إلا أنه عرف كيف يثير روح الدعابة خصوصا و أن معظم العائلات باتت تعرفه لأنه أضحى نجما افتراضيا على منصات مواقع التواصل, أما آدم فأبدع هو الآخر من خلال سرد قصته مع زوجته بعدما كانت خطيبته و علاقته مع أصهاره و كل ذلك بطريقة عفوية كوميدية لاقت تصفيقات نارية من الجماهير.

 

يبدري و خساني كالعادة

وكعادتهم النجمان محمد خساني و محمد يبدري أبدعا من خلال عرضيهما, فالجنرال فارس عرف عبر إيحاءات بطريقة أنجلوفونية كيف يحكي يوميات الشاب في بلادنا و في ديار المهجر و كيفية تعامل الشاب هنا و هناك مع العلاقات العاطفية, و أيضا العلاقات ما بين أفراد العائلة, أما محمد خساني فأخلط على غير عادته عرض الغناء تارة و العرض الركحي تحت تصفيقات الجماهير خصوصا عندما استخدم طريقة التخاطب مع الجمهور مستعرضا فن الإسترجال المسرحي الذي أبدع من خلاله أيما إبداع.

 

الجمهور تجاوب مع أم القضايا قضية فلسطين

و الذي يحسب على منظمي الحفل هو تعاطفهم مع أم القضايا قضية فلسطين, حيث أبدع محمد خساني في التشهير للقضية من خلال هتافات ضد سياسة التجويع و القتل و التشريد التي يتخذها العدو الصهيوني ضد إخوتنا المعذبون في أرض غزة المجاهدة الطاهرة.

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram