ما قل ودل

الاتفاق الفرنسي-الجزائري لعام 1968…سيناتور فرنسي ينتقد تقرير نائبان ماكرونيان

السيناتور الشيوعي إيان بروسّات

شارك المقال

أعاد التقرير البرلماني الفرنسي الصادر منتصف أكتوبر 2025 حول كلفة الاتفاق الفرنسي-الجزائري المبرم سنة 1968 النقاش القديم-الجديد حول العلاقات الثنائية بين باريس والجزائر، خاصة في بعدها المتعلق بالهجرة والإقامة. فقد خلُص التقرير الذي أعدّه النائبان الماكرونيان شارل رودويل وماتيو لوفيفر إلى أن ما وصفاه بـ«الاستثناء الجزائري» يكلّف الدولة الفرنسية أكثر من ملياري يورو سنوياً، وهو ما أثار موجة واسعة من الجدل السياسي والإعلامي في فرنسا، وأصداء قوية في الجزائر.

 إيان بروسّات…فرنسا تعيش في ثنايا خطابات استعمارية متستّرة

في مقابل هذا الطرح التقني-الاقتصادي، جاء ردّ السيناتور الشيوعي إيان بروسّات، الذي عبّر في تصريحاته لموقع TSA عن “خجله” و”اشمئزازه” من التقرير، واصفاً إياه بـ”النتن” و”الرجعي”. وأكد بروسّات أن المقاربة المحاسباتية التي يتبناها بعض النواب الفرنسيين تُهمِّش البعد الإنساني والتاريخي للعلاقة بين الشعبين الفرنسي والجزائري، وتُعيد إلى الواجهة خطابات استعمارية متستّرة. كما اعتبر أن الاتفاق يعكس مسؤولية فرنسا التاريخية تجاه المهاجرين الجزائريين الذين ساهموا لعقود في بناء اقتصادها.

خلفية تاريخية…الاتفاق ومضامينه

وُقِّع الاتفاق الفرنسي-الجزائري في 27 ديسمبر 1968، أي بعد ست سنوات من استقلال الجزائر، بهدف تنظيم وضعية المهاجرين الجزائريين في فرنسا. وقد منح هذا الاتفاق امتيازات خاصة مقارنة بباقي الجنسيات، منها تسهيلات في منح بطاقات الإقامة ولمّ الشمل العائلي وحرية العمل. ورغم تعديله جزئياً في عامي 1985 و2001، ظلّ يشكّل إطاراً قانونياً مميزاً للعلاقة بين المهاجرين الجزائريين والدولة الفرنسية.

اليمين المتطرف يصطاد في المياه العكرة

أثار التقرير الذي قدّمه النواب رودويل ولوفيفر جدلاً واسعاً بعد أن اعتبر أن الامتيازات الممنوحة بموجب الاتفاق باتت تشكّل عبئاً مالياً على فرنسا، تُقدَّر كلفته بما لا يقل عن 2 مليار يورو سنوياً، ما دفع بعض الأصوات السياسية في اليمين والوسط إلى المطالبة بإلغائه أو إعادة التفاوض بشأنه. ويرى معدّا التقرير أن الاتفاق أصبح “غير متناسب مع الواقع الراهن” للهجرة والسياسة الاجتماعية الفرنسية.

الخطاب الفرنسي يلبس ثوب الشيزوفرينيا

و من منظور أكاديمي، يعكس هذا السجال ازدواجية الخطاب الفرنسي تجاه الجزائر: فمن جهة، تؤكد باريس على “الشراكة الاستراتيجية” بين البلدين، ومن جهة أخرى، تسمح بطرح تقارير سياسية تُشيطن اتفاقاً يمثل أحد آخر الرموز القانونية للعلاقة التاريخية بين البلدين. كما أن موقف بروسّات يعكس صراعاً بين منطق التضامن الاجتماعي ومنطق النيوليبرالية الاقتصادية داخل المشهد السياسي الفرنسي.

المصدر: جريدة الفيغارو

Share on facebook
Facebook
Share on telegram
Telegram