في تطور مثير داخل الوسط القضائي الفرنسي، مثل أمام محكمة باريس يوم الخميس سجينان بتهمة توجيه تهديدات خطيرة ضد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، المعتقل حاليًا لقضاء عقوبة بالسجن خمس سنوات بعد إدانته في قضية «التمويل غير المشروع» و«الفساد».
أشارت التحقيقات إلى أن أحد المتهمين قام بتصوير مقطع فيديو داخل سجن لاسانتي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، توعد فيه بأن ساركوزي «سيعيش فترة احتجاز سيئة» قائلاً: «On va venger Kadhafi» («سننتقم للقذافي»). وقد أثارت هذه العبارات موجة استنكار واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، نظرًا لرمزيتها المرتبطة بمقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي طالما وُجّهت إلى ساركوزي اتهامات بتلقي تمويلات مشبوهة من نظامه في حملته الانتخابية لعام 2007.
القضاء الفرنسي اعتبر أن هذه التهديدات تمسّ سلامة شخصية عمومية وتشكّل خرقًا صارخًا لأمن المؤسسات السجنية، ليُحال المتهمان على القضاء في إطار إجراء المثول الفوري (comparution immédiate)، وهو إجراء استثنائي يُستخدم في الحالات التي تستدعي سرعة البت في الجريمة بسبب خطورتها أو وضوح أدلتها.
ويرى مراقبون أن الحادثة تسلط الضوء على حساسية الوضع الأمني داخل السجون الفرنسية، خاصة في ما يتعلق بوجود شخصيات عامة مثيرة للجدل مثل ساركوزي، ما يفرض على إدارة السجون اتخاذ إجراءات حماية خاصة لتفادي أي حوادث انتقامية أو رمزية.
سياسياً، تعيد القضية إلى الواجهة الانقسامات حول إرث ساركوزي السياسي ودوره في الأزمة الليبية، إذ يربط كثيرون بين خطاب الكراهية ضده وبين ما يُعتبر تدخلاً فرنسياً في سقوط نظام القذافي سنة 2011.
وفي انتظار النطق بالحكم النهائي، تظل القضية اختبارًا جديدًا لقدرة العدالة الفرنسية على حماية حقوق الموقوفين وضمان أمن الشخصيات الحساسة داخل المؤسسات العقابية، في توازن دقيق بين الحرية والمسؤولية القانونية.