تشهد الساحة المغربية منذ أسابيع توتراً اجتماعياً متصاعداً عقب اندلاع احتجاجات واسعة قادتها ما يعرف بـ”حركة جيل زد 212″، وهي حركة شبابية رقمية وواقعية في آن، تعبّر عن جيل جديد من المغاربة الذين يستخدمون الفضاء الافتراضي كأداة للتعبئة والتعبير عن الغضب الاجتماعي والسياسي. وفي خضم هذه الأحداث، أفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأن أكثر من 1500 شخص يواجهون ملاحقات قضائية، بينهم نحو ألف موقوف، على خلفية مشاركتهم في هذه الاحتجاجات.
وأكدت رئيسة الجمعية، سعاد براهمة، أن القضاء أصدر أحكاماً متفاوتة القسوة، أبرزها حكم محكمة أكادير التي أدانت 39 شخصاً بالسجن لمدد تتراوح بين ست وخمس عشرة سنة، فيما صدرت أحكام أخرى بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنة في عدد من المدن المغربية. واعتبرت الجمعية أن هذه الأحكام تشكّل “ردّة حقوقية مقلقة” وتمسّ بمبادئ حرية التعبير والتجمع السلمي التي يضمنها الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.
من زاوية تحليلية، تكشف هذه الموجة من الملاحقات القضائية عن تداخل الأبعاد الأمنية والسياسية في التعامل مع الحركات الاحتجاجية الجديدة، خصوصاً تلك التي يقودها جيل شاب ومرتبط بالثقافة الرقمية. فـ”جيل زد 212″ لا يحمل مطالب تقليدية فحسب، بل يسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساس الشفافية، العدالة الاجتماعية، والمشاركة السياسية الفعلية.
وفي المقابل، يرى بعض المراقبين أن الدولة المغربية تجد نفسها أمام معادلة صعبة بين ضبط الأمن العام والاستجابة للمطالب الاجتماعية والسياسية المتزايدة. إلا أن الإفراط في المقاربة القضائية والأمنية قد يؤدي، بحسب منظمات حقوقية، إلى تعميق الفجوة بين الشباب والمؤسسات الرسمية، بدل احتوائها بالحوار والإصلاح.