تزخر مدينة وهران مثلما يعرف القاصي و الداني بتاريخ حافل يبدأ من عصر ما قبل التاريخ , أين سكن الوهرانيون الأوائل كهوف جبل “مرجاجو” و مرورا بالحضور البونيقي و الفينيقي و الروماني و الذي تشهد عليه آثار مدينتي بطيوة والعنصر لحد الآن إلى العصر المريني و الزياني و الإسباني و من بعده العثماني و حتى الفرنسي , أي بالمختصر المفيد مدينة الباهية تعتبر كتاب تاريخ مفتوح على مصراعيه.
لكن بالمقابل لا يلقى هذا التاريخ إرادة قوّية للحفاظ على صفحاته من الإندثار , حيث أن معظم ساكنة وهران تجهل أماكن من عيار مغاوير “دادا أيوب ” بالمرسى الكبير و أيضا حمامات “الملكة” الإسبانية “جان لالوكا” التي شفيت من مرض خبيث ألّم بها باستحمامها بمياه وهران.
و يجهل الجميع ماعدا طبقة المثقفين و الأكاديميين و كذا المؤرخين أن تراب وهران يضم في ثناياه الجسد الطاهر لأحد أحفاد رسول الله “ص” المدفون في مقبرة “مول الدومة” التاريخية , ناهيك عن علمائها و صلحائها الذين لا يعّدون و لا يحصون دون نسيان أبطالها الذين أصبح حضورهم في المرويات الشفهية للعجائز و الشيوخ و حتما سيندثر ذكرهم بعد رحيل هؤلاء أدام الله بقاءهم .
فوهران كانت ولّادة الأبطال فمن الشهيد “شعبان الزناقي ” الذي دوّخ الإسبان خلال فترة احتلالهم وهران و لعب دور “روبن هود” في ذلك العصر و الذي أرّخ لذكراه في أحد الملتقيات البروفيسور “بومدين بوزيد” إلى “محمد بن عثمان الكبير ” الذي أنهى حقبة امتداد سياسة محاكم التفتيش بشمال إفريقيا إلى محي الدين و ابنه الأمير عبد القادر دون نسيان استحضار ذكرى ابن تاشفين و عبد المؤمن الكومي الموّحدي و غيرهم.
و نحن على عتبة تنظيم تظاهرة الألعاب المتوسطية المزمع إقامتها هذه الصائفة بمدينة الباهية , نعيب على المسؤولين عدم تواجد لوحات تشير للأماكن التاريخية التي ينبغي كتابتها باللغة العربية و غيرها من اللغات الأعجمية , كي يعرف الزوار تاريخ المدينة التي سيتنافسون فيها رياضيا و من المفروض يرجعون لبلدانهم بفيض من المعلومات من أجل تصنيف وهران ضمن أرشيف التاريخ العالمي فمثلما يقول شعراء الشعر الملحون “يا وّدي وهران تاريخ …علماء و قيّاد و مشايخ “.