كان الجيش الجزائري أول من قام بتحطيم أسطورة جيش التساحال الذي لا يقهر,و لعل التاريخ و الشهود و الشواهد تشهد على عظمة إنجاز أبناء الشهداء,فما تقوم به المقاومة الفلسطينية الباسلة ما هو إلا امتداد لما قامت به القوات المسلحة الجزائرية التي تفبد المصادر أنها خلال مشاركتها في حرب أكتوبر 73 استطاعت أن تقضي على 900 عنصرا من جيش الصهاينة ما بين جندي و ضابط,و كانت أول من قام بتحييد الدبابات الإسرائيلية بتدمير كلي و جزئي,و كأن التاريخ العسكري يعيد نفسه حاليا على أرض غزة من خلال المسافات الصفرية للمقاومة الفلسطينة المباركة.
فمعروف أن تضامن الجزائريين مع القضية الفلسطينية ليس وليد اليوم و لم يركب أحفاد الشهداء يوما الموجة لأجل الظهور الإعلامي,بل ساهم الجزائريون بالقول و الفعل و بالسلاح و العتاد و حتى المجهود العسكري لمحاربة الإحتلال الصهيوني الغاصب,في حين كانت بعض الدول التي تدعي دفاعها عن مقدسات القدس الشريف تدير ظهرها لكل ما هو فلسطيني, و تتآمر حتى للإبقاء على أرض الديانات تحت راية الصهاينة لحاجة في نفس يعقوب.
فمع احتدام الوضع العسكري في غزة الجريحة,يستعيد الجزائريون خصوصا من شاركوا في حرب 73 تضحياتهم بالنفس و النفيس في سبيل فلسطين.
فتشير المصادر الأرشيفية أن عناصر الجيش الشعبي الوطني لم تتوان يوما في خدمة القضية الفلسطينية منذ إنطلاق شرارة الحرب العربية الصهيونية الأولى سنة 67,حيث و رغم خمس سنوات من خروج الجزائر من عقدة 132 سنة من الاستعمار الجائر,إلا أن المجاهدون الشباب في ذاك الوقت لم يتوانوا للمشاركة في حرب تحرير فلسطين التي تعتبر أم القضايا بالنسبة لكل جزائري حر.
فبمجرد أن شحن الرئيس الراحل هواري بومدين همم عناصر الجيش الشعبي الوطني بخطاب حماسي حول ما يجري من عدوان في فلسطين,آثر أحفاد “الأمير عبد القادر” على وهب أنفسهم و أرواحهم في سبيل تحرير أرض أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين.
و رغم انكسار الجيوش العربية في نكسة 1967 لم يتوان الجيش الشعبي الوطني في تلبية نداء الإخوة المصريين خلال حربهم الثانية أمام الصهاينة,حيث تشير المصادر الأرشيفية أن الجزائر أرسلت 4 أسرابا من طائرات مقاتلة السرب رقم 23 ،السرب رقم 17 ،السرب رقم 21 ،السرب رقم 14 ،وأرسلت سرب واد MF21 والذي يحتوي على 13 طائرة، وسربان ميغ F17 ،يحتوي على 23 طائرة وسرب واحد KSU7 BM يضم 12 طائرة.
أما أفواج اللواء، فانطلقت يوم 12 أكتوبر أي بعد 6 أيام من اندلاع الحرب وتطلبت المسافة التي تفصل الأراضي المصرية عن الجزائر والمقدرة بـ 4 آلاف كيلومتر، مسيرة أسبوعين تقريبا، عبرت خلالها الأراضي التونسية والليبية ودخول مصر عن طريق السلوم ومرسى مطروح كما تم نقل جزء منها عن طريق البحر من ميناء طرابلس اتجاه الإسكندرية.
و على غرار ما تفعله المقاومة الفلسطينية من أفاعيل حاليا في جيش التساحال قام الجزائريون بالإجهاز على القوات التي كان يقودها في تلك الحقبة اللواء الصهيوني المقبور “أرييل شارون” الذي أظهر له الجزائريون بعد استخفافه بهم بسالة و قوة الجيش الجزائري,حيث دمر أحفاد “الأمير عبد القادر” 172 دبابة من طراز أمريكي كان يتباهى بها الجيش العبري و قاموا بالإجهاز على 900 عسكري من مختلف الرتب.
و اعتبر الجيش العبري الإنجاز الجزائري بمثابة فارقة حاسمة استطاع من خلالها الجيش المصري أن يميل الكفة لصالحه,حيث صرح حينها رئيس هيئة أركان الكيان الصهيوني، «دافيد إليعازر» في الحرب العربية الإسرائيلية، أن قواتهم خسرت حربها سنة 1973 نتيجة استهانة واستهتار اللواء أرييل شارون الذي وصفه بالمغرور، حيث كان هذا الأخير يصف أسلحة الجزائريين بالبدائية وتوقع فرار الجنود الجزائريين لمجرد رؤية دباباتهم.
و يبدو حاليا أن تاريخ ملاحم الجزائريين بات يتم إسقاطه على أرض غزة, حيث يسعى في كتابته راهنا الفلسطينيون أنفسهم,و باتت الفصائل تعيد ما كتبه بالأمس القريب أقرانهم أحفاد الشهداء الذين أثبتوا للعالم حينها أن الجيش الصهيوني مجرد بالون منفوخ الذي من المؤكد أن العالم سيشهد انفجاره في أية لحظة و من مسافة الصفر…و لا يزال للحديث بقية.