الجزء الثالث
بعد لفظ الوهراني للمدعو دافيد خلال جلسة شاي موبوءة, بات الوهراني يشتغل على بروفة محاكمة الغد في محكمة نانتير, فطيلة الليلة في غرفة الفندق و هو يسترجع ذكريات غزو الفرنسيين للجزائر الذين بدل دفع الدين الذي تدين به الجزائر لهم, راحوا يغامرون عبر ماريشالهم “دوبيرمان” عفوا “دوبورمون” و يجتاحون الجزائر في فترة ضعفها, و إلى جانب مواقف تاريخية أخرى أصّر حبيبنا أن يكون هو صاحب الضربة القاضية تماما كما فعلت مواطنته “إيمان خليف” و تفعل و ستفعل مستقبلا في الحلبات العالمية.
و جاء بعدها دور المحاكمة التي تنقل إليها صديقنا عبر سيارة أجرة, و تفاجأ بسائق الطاكسي يعرفه منذ اللحظة التي ركب فيها إلى جانبه و ناداه بنبرة باريسية “comment allez vous monsieur l’oranais”, عندها تعجب حبيبنا عن سر اشتهار اسمه ما بين طاسيلة القاوار فراح سائق التاكسي يشرح له أنه أصبح بطلا قوميا هنا بفرنسا بسبب كتابة الصحافة عليه و نشر صورته مرفوقة بمقال, خصوصا بعدما أصبح خصما لدودا لماكرون الذي بدأت تسقط شعبيته لدى الفرنسيين.
و بعد مشوار ربع ساعة من الدودير في شوارع باريس وصل الطاكسي نحو الوجهة المعلومة ليتفاجئ الوهراني بعدم قبول سائق سيارة الأجرة ثمن الأجرة و قال له بالحرف الواحد “فرحني فقط في ماكرون لأنه أرجع بلادنا مائة سنة إلى الوراء, و أصبح عدو الطبقة الوسطى”, و عندها أجاب حبيبنا الفرنسي بلغة الواثق بقوله “OK OK I WILL DO IT” و باللغة الإنجليزية كأول تحدي قبل مقابلة القاضي.
و عند ولوج صديقنا رواق القاعة المخصصة للمحاكمة ظن أن الأمر يتعلق بقاعة أخرى لكن الشرطي المتواجد في عين المكان أكد له أنه في المكان الصحيح, و فيما يخص الحضور فما هم إلا رجال الإعلام جاؤوا خصيصا لتغطية محاكمة من استصغر رئيسهم مانو.
و كان أول سؤال للقاضي بلكنة فرنسية برجوازية ” ? Comment avez-vous pu vous permettre de critiquer notre président”, لكن الوهراني رفض الإجابة إلا باللغة العربية و طالب بجلب مترجم, و أمام تعّجب القاضي و إصرار الوهراني جاء المترجم ليصدح صديقنا “و أنتم كيف سّولت لكم أنفسكم على السخرية من نبينا في كاريكياتور ساخر”, فأجاب القاضي “C’est ça la liberté de la presse” ليجيبه مرة أخرى صديقنا عبر المترجم ” إذا لقد أجبت نفسك سيدي القاضي فذاك ما حصل لرئيسكم الذي كانت صحافتكم هي البادئة في السخرية منه, فكيف تتهمون جريدتي التي علقت فقط إشهارا يحمل صورة رئيسكم“.
و يبدو أن القاضي كان من وراء استدعائه للوهراني رسائل أخرى أخرى أراد تمريرها على شكل أسئلة عبر هيئة المحكمة فجاء السؤال الموالي كالآتي ” لماذا في فترة وجيزة استغنيتم عن لغتنا, بينما كنا نوّد أن تواصلوا تلقينها للأجيال القادمة, فإنكم بفعلتكم هذه تكونوا قد قطعتم حبل الود الذي بيننا”, عندها أجابه الوهراني بلغة الواثق…يتبع.
أحداث القصة من وحي الخيال و أي تشابه مع الواقع فهو مجرد صدفة على الطريقة الفيتنامية